متحف الفنون والتقاليد الشعبية
يعتبر هذا المتحف الذي أُحدث سنة 1979 أحد أهمّ المتاحف الجهوية المختصّة في الفنون والتقاليد الشعبية والراجعة بالنظر إلى المعهد الوطني للتّراث. ويستمدّ أهمّيته من ثراء التّراث الشّعبي في ربوعالكاف ومن تنوّعه خاصّة بعد الإضافات التي استفاد منها وفتح لها فضاءات جديدة مجاورة لمقره بزاوية سيدي علي بن عيسى المشرفة على المدينة، وهي في حدّ ذاتها معلم تاريخي بمعمارها وهندستها وزخارفها وخاصة مكوّناتها. فهي تحتوي على سقيفة وصحنين داخليين وأربع قاعات، منهما اثنتان كانت إحداهما بيت صلاة والأخرى مقبرة لمشائخ الزاوية. أمّا الزخارف المعماريّة فتمثّل بتنوّعها ما تتحلّى به المنازل الكافيّة الأصيلة من روائع النقش على الجبس ونوادر لوحات الخزف، وهو ما يدلّ على عراقة المدينة وتحضّر أهلها وتفتّحهم على مختلف الروافد الحضاريّة والفنّيّة بجوهرها التونسي ولمساتها الأندلسيّة، كما يدلّ على قيمة الطرق الصّوفيّة، وخاصّة منها العيساويّة.
ولا شكّ في أنّ متحف الكاف يتميّز بأنّه أوّل متحف يصوّر الحياة الرّيفيّة وعالم البداوة، إلى جانب تراث المدينة المتفرّد. فالقاعة الكبرى مخصّصة لمختلف المناشط الريفية من فلاحة وتربية للماشية، تحيط بخيمة منصوبة بدقّةحقيقية، وتحتها تحف وأدوات تجسّم الحياة العائليّة. أمّا قاعة الخزف ففيها تتنوّع الأدوات بأشكالها وتزاويقها باختلاف النّواحي. ومن أطرف ما فيها أدوات جني العسل وأدوات إعداد العطر وحفظه. وفي إحدى القاعات معرض الأزياء والحلي الخاصّة بالمرأة والعروس وبالرجل الفارس، وما يتبع الفروسيّة من سروج مطرّزة بالذّهب، مطهّمة بالحرير، وغير ذلك. ومن أجمل محتويات هذا المتحف وأثمنها مجموعة الحلي الذهبيّة والفضّية الصلبة والحجارة الكريمة المتنوّعة، وأزياء العروس في كلّ يوم من أيام العرس. ومن آخر مقتنيات المتحف فضاء المعلم الدّيني المعروف بالغريبة. فبعد ترميمه في إطار المسلك السّياحي لمدينة الكاف العتيقة، رمّمت قطع وأدوات كان يستعملها يهود الحارة في ممارستهم لشعائرهم وعرضت فيه. ومن أهمّ تلك المعروضات نسخة مخطوطة عتيقة من التّوراة.
ويسعى مدير متحف الفنون والتقاليد الشّعبيةبالكاف إلى إنقاذ المخطوطات الموجودة لدى عدّة أسر كافيّة لصيانتها وحفظها والاستفادة منها، إغناء لتاريخ جهة الكاف الاجتماعي والثّقافي. هذا إلى جانب مقتنيات المتحف عن طريق الهبة أو الشّراء لقطع مهمّة، محافظة منه على الذّاكرة الجماعيّة.